تقـــديــم
لحضرة صاحب النيافة الحبر الجليل
الأنبــــــــا فــــــــــــــام
أسقف طما وتوابعها
أشعر بخجل شديد ... وعدم استحقاق أن أحمل اسم الشهيد العظيم أبوفام الجندى الأوسيمى ... وحين أنطق باسمه أو اكتبه أشعر بأن لسانى يتبارك وقلمى يتقدس .
وسيرة هذا الشهيد العظيم ، سيرة عطرة تدين هذا الجيل المتهاون فى مقدساته ومعتقداته وانشغاله بأمور الدنيا وبعده عن الله ...
أن الشهيد أبوفام الأوسيمى له منزلة فائقة ... بين محبيه وأولاده كما أن له منزلته السمائية بين الشهداء المنتظرين .. وكفى أن تعرف أيها المبارك بأن ربنا يسوع المسيح ترآى أكثر من مرة للقديس أبوفام أثناء تعذيبه . واستحق القديس أبوفام ان يكون صاحب أكاليل عديدة .
أكليل البتولية .. أكليل الجهاد .. أكليل الشهادة ... ليتك تنظر الى نهاية سيرته وتتمثل بإيمانه ..
وأُنظر لئلا يأخذ أحد أكليلك .. أرجو لك بركة هذا الشهيد المختار أبوفام الأوسيمى فى حياتك .
بنعمة الله
فــــــام
أسقف طما وتوابعها
مقـــــدمــــة
فى هذه الأيام المباركة التى يعيش فيها هذا الجيل نجد الكثير من القديسين التى كانت ذكراهم فى كتب التاريخ أو سير القديسين بدأت تأخذ مكانتها ووضعها ومحبتها الكبيرة فى قلوب شعبنا القبطى الأرثوذكسى وبدأت حركة روحية ومعمارية فى أماكن وجود أجسادهم.
وفى هذا الكتيب الذى بين يديك صورة لحياة شهيد عظيم أراد الله أن يتمجد فيه وهو الشهيد العظيم أبوفام الجندى الأوسيمى فحياته بحق مدرسة فضائل . تربى فى مخافة الرب وسار فى طريق العبادة . مارس حياة الصوم والصلاة وعمل الرحمة وخدمة المحتاجين فهو أظهر محبه عظيمة للملك المسيح برفضه أمجاد العالم رغم غناه من أجل محبته فى الملك المسيح .
الله يعطينا جميعاً أن نسلك كما سلك آبائنا فى جهادهم ومحبتهم وخدمتهم وقوة إيمانهم ببركة صاحب هذه السيرة العطرة وبركة صلوات أبينا الطوباوى البابا شنودة الثالث وأسقفنا المحبوب الأنبا فام أسقف طما .
بركة صلواتهم تشملنا جميعاً آمين.
27 طوبة عيد إستشهـــــــاده القمص
27 أبيب عيد تكريس كنيسته هــــــدرا لوديــــم
سيرة الشهيد العظيم أبو فام الجندى الأوسيمى
مقــدمـة
...أولئك يارب الذين تركوا الأب والأم والأخ والصديق ... وسعوا خلف الغنى بحب ساعة أن أدركوا حبه الوحيد ... فأصروا أن لا يبقوا فى أفراح العالم لحظة واحدة ... قدموا ذواتهم بالحب على مذبحه وأسلموا أجسادهم حتى الموت . نبذوا كل تمتع بشرى وأحبوا الشقاء ليحنوا قلب الحبيب عليهم .
نلتقى فى هذا الكتاب بسيرة أحد هؤلاء الأبطال وهذه السيرة العطرة هى صوت صارخ إلى كل شباب جيلنا ليعيشوا فى محبة المسيح إلى النفس الأخير ويقدموا شهادة أمينة فى الإيمان المُعطى لنا من القديسين ألا وهى سيرة القديس العظيم أبو فام الجندى الأوسيمى ...
ولادة القديس ونشأته :-
وُلد فى 27 أبيب فى مدينة أوسيم من أبويين تقيين هما أنسطاسيوس وسوسنة .. وما أن إشتد عوده إلا أنه تربى فى مخافة الرب فكانت طفولته مقدسة فى صلوات وأصوام ، وقد تتلمذ أبو فام على يد الأب أرسانيوس فلقنه الروحيات وعلمه ما يحويه الكتاب المقدس من جواهر سمائيه فترعرع فام متوقد الذهن شديد الغيرة على كنيسته ، وكان يصلى قائلاً " أعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة " ...
السعى نحو النسك والتعفف :-
بالإضافة لنسكه وتعففه فلقد وضع أيضاً فى قلبه قــول الرسول بولس " من زوَّج فحسناً يفعل ، ومن لا يزوِّج يفعل أحسن " ( 1كو 7 : 38 ) ومن هنا إشتاق أبو فام أن يقدم نفسه عذراء عفيفه للمسيح وأن لايختلط بالعالم . أما الشيطان فهو كأسد زائر يلتمس من يبتلعه ...
بدء التجارب :-
فلما رأى تقوى أبو فام أراد إبليس أن يهدم هذا الصرح العظيم والكيان النورانى والكوكب المضئ ، فقد ألقى الشيطان فى قلب مكسيميانوس الملك الطاغية أن يعذب القديس فأرسله إلى والى أنصنا أريانوس ليعذبه .. فأعد أريانوس جنوده وذهب إلى أوسيم للقبض على أبو فام ، وفى نفس الوقت الذى فيه كان الجنود وقائدهم يعدون أنفسهم لهدم أبو فام كانت السماء تمنحه نعمة لتعده لمجد أسمى وأبقى .
السعى نحو الشهادة :-
إلا أن جهاده الروحى فى المخدع كان عربوناً لجهاد روحى عظيم محفوف بالألم لأجل إكليل الشهادة ..وبالرغم من غناه المادى لدرجة أنه كان يمتلك خمسمائة عبداً مما جعل الناس يلقبوه بأبو خمسمائة إلا أنه كان يتطلع إلى مملكة عُليا لا تزول . نظر إلى أورشليم السمائية وكيف يكون وارثاً وملكاً هناك مع الملك الحقيقى ربنا يسوع المسيح
عند كثرة همومى فى داخلى تعزياتك تلذذ نفسى :-
فإذ بالملاك ميخائيل رئيس جند السماء يظهر لأبو فام ليشدده ويعلمه بأنه سينال ثلاث أكاليل .. الأول للشهادة والثانى للبتولية والثالث للجهاد .. ففرح أبو فام وصلى شاكراً الرب على هذه الهبة الروحية فى اختياره لطريق الألم من أجل اسمه ، وأراد أن يشجع أمه ويعلن لها مساندة السماء للشهادة ، فقالت له أمه (وأنا يا إبنى الحبيب لن أفارقك فى كل موضع أنت تذهب إليه ) .. وكذلك أخبر أبو فام أعز وأحب أصدقاءه تاوضروس بما سمعه من رئيس جند السماء ... وعندما دخل أريانوس مدينة أوسيم وهو يطلب أبو فام .
قبول الإستشهاد بفرح :-
فإذ بأبو فام يخرج إليه وهو يلبس حُله بهية ويركب حصان أشقر وهو متهلل فى سرور واضح وسلام ملحوظ وهو يردد عبارته التى إشتهر بها:-(( هذا هو يوم عُرسى لأنى سأُحل من رباطات هذا العالم)) فألقى عليه أريانوس كلمة السلام فأجابه أبو فام أنت قلت لى السلام ، وأنت ليس لك فرح وسلام لأنه لا سلام قال إلهى للأشرار ..
تعذيب القديس بيد أريانوس بالسحل :-
فأمر أريانوس جنوده بربط أبو فام بسلستين فى مؤخرة حصان وأن يجروه فى شوارع أوسيم فسمعت بذلك أمه وذهبت إليه لتراه وللوقت غضب أريانوس وأمر بحفر حفرة كبيرة ويُوقَد فيها ناراً هائلة وأن يُلقوا أم أبو فام والـ 499 عبداً وكان ذلك فى اليوم الثامن والعشرين من شهر توت. وكان أريانوس فرحاً بهذا الأمر طمعاً فى أن يُثنى أبو فام عن عزمه