[size=24][b]نشأة القديسه مهراتى
--------------------------------------------------------------------------------
ما اجمل قول معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل رومية (( سلموا على بريسكلا واكيلا والكنيسة التى فى بيتهما )) (رو5:16) وايضاً قوله إلى أهل كولوسى ( سلموا على الاخوة الذين فى لاودكيه وعلى بمفاس وعلى الكنيسه التى فى بيتهم ) ( كو 15:4)
+ وكذلك قوله الى فليمون ( الى الكنيسة التى فى بيتك ) ( فل 2)
+ بلا شك فان هؤلاء جميعاً كانت بيوتهم عبارة عن كنائس على نفس المنوال كان بيت القديسة الشهيدة مهراتى يشكل كنيسة مقدسة مباركة فالأسرة تخاف الله .. وتجاهد كل حين لكى ترضية فالذى يخاف الله يفعل مسرته ..
+ نعم نشأت تلك القديسة المباركة فى أحضان أسرة صغيرة مقدسة .. فهى منذ طفولتها وهى ترى أخيها الذى كان كاهنا تقيا ( بعض المصادر تقول أن والدها كان كاهنا ) يقرأ الانجيل على مسامع الاسرة .. ويشجع مهراتى وهى لم تزل طفلة صغيرة فى حفظ المزامير والتراتيل والالحان الكنيسة الجميلة .. أما والدتها فقد كانت تيقظها مبكراً للتمتع بصلاة رفع بخور باكر ثم القداس الإلهي …. تعلمت من والدتها كيف تعيش فى حشمة ووقار .
+ وعلمتها والدتها أيضاً كيف تسلك بتدقيق وبلياقة .. علمتها التدقيق فى الكلام .. فى النظرات .. فى العلاقات.. فى الصدقات .. فقد كانت البنات الوثنيات فى عصرها يسلكن فى إباحة وخلاعة ويفتخرن بالشر .. ولكن أبناء الله فى كل جيل لهم فكر مختلف وسلوك مختلف .. فهم نور العالم وملح الارض .. وهم رسالة المسيح الحية المقروءة من جميع الناس ..
+ وأبناء الله فى كل جيل لهم شخصيتهم المسيحية القوية التى جعلتهم ملتزمين بمبادئ كتابهم المقدس رغم كل التيارات الخاطئة المحيطة بهم مثل يوسف الذى عاش بطهارة رغم الخطيئة والعثرة التى أحاطت به .. ودانيال والثلاثة فتية الذين ألتزموا بمبادئ ألههم .. رغم الوسط الوثني والنجاسة والخلاعة .. وكل الضغوط المحيطة بهم فى ولاية بابل .. وكذلك أبناء الله مطالبون الان بأن يعيشوا بكل تقوى وأمانة وطهارة وبر وقداسة بقوة المسيح الساكن فيهم وبقوة الروح القدس القادر بنعمته أن يؤيدنا ويرفعنا فوق مستوى الشر مهما كان متفشياً .
أشتياق القديسة مهراتى للأستشهاد
+ تأملها المستمر فى الصليب وفيما قدمه الرب لنا عليه من حب وفداء . ألهب قلبها بالحب لعريس نفسها الحبيب الرب يسوع ، ولسان حالها يقول مع عروس النشيد ( كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبى بين البنين تحت ظله أشتهيت أن أجلس وثمرته حلوه لحلقى . أدخلنى إلى بيت الخمر وعلمه فوقى محبة . إسندونى بأقراص الذبيب أنعشونى بالتفاح فإنى مريض حباً . شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى ) ( نش 3:2-6) .
+وأشتاقت أن تقدم حياتها بكل رضا كذبيحة حب لمن أحبها أولا وبذل ذاته لأجلها .. وكان عمرها فى ذلك الوقت 12سنة فتوجهت الى الوالى وأعترفت بكل شجاعة بإيمانها بالرب يسوع المسيح ( له المجد ) ودون أدنى تردد شأن جميع الشهداء الذين سبقوا أو جازوا بعدها بغض النظر عن أعمارهم .. وكانوا يتقدمون بكل شجاعة وكل حكمة روحية .. وكانوا يتكلمون بمجاهرة حسب نعمة الله المعطاة لهم وهذه الحكمة الروحية يعطيها الرب لكل من يطلبها بإيمان فيهبها له .
عذابات القديسة الشهيدة مهراتى
+ تعرضت الشهيدة القديسة مهراتى تلك الطفلة الصغيرة لعذابات كثيرة حتى قال لها الوالى :-
- أنى أشفق عليك من هذه العذابات الكثيرة التى سوف تحدث لك … لأن كل من يخالف أوامرى ولا يقدم البخور لأبولون كان نصيبه تحمل هذه العذابات .. وهدد الوالى وتوعد . ولكن محبة الرب يسوع المسيح ( له كل المجد ) التى ملكت قلبها جعلتها تصمد .. وتصمم على الاعتراف بإيمانها بالرب .. ورفضت أن تقدم البخور أمام الصنم أبولون .. معلنه بوضوح أنها ملك لفاديها الحبيب الرب يسوع المسيح .. ولسان حالها يقول مع الرسول بولس ان عشنا فللرب نعيش إن متنا فللرب نموت إن عشنا أو متنا فللرب محن وهكذا كانت بالرغم من صغر سنها لا ترهب العذاب أو الموت ..
محاولة أغراء القديسة
وكما أغرى الشيطان أمنا حواء .. كذلك حاول الوالى أن يستميل القديسة الشابة الصغيرة مهراتى وأن يغريها بالمجوهرات ووعدها بحياة مترفة جميلة وغنى جزيل.. وكرامات عظيمة إن هى أطاعت أوامرة وأنكرت مسيحنا وسجدت للأصنام ..
وظن الوالى أنها لكونها صغيرة السن ستجذبها هذه الأشياء .. ولكنه لم يكن يعلم أنها كانت قد دخلت منذ زمن طويل فى دائرة شد وجاذبية الصليب (( وأنا إن إرتفعت عن الأرض أجذب الى الجميع )) ( يو 32:12)
+ وكما فعل الرب يسوع له المجد مع إبليس حينما أراه ممالك العالم ومجدها وطلب من الرب أن يسجد له لكى يعطى له هذه الممالك !! حاول الوالى ذلك .. ولكنها أجابت بكل شجاعة .. ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه .. وفى ذهنها قول الكتاب : لا تحب العالم ولا الأشياء التى فى العالم لان العالم يمضى وشهوته معه ..
وقد أحبت مهراتى الرب يسوع وحفظت وصاياه وعملت بها لذا كان الرب يقويها فى مواجة كل هذه الاغراءات ..
+ ولم فشل الوالى فى هذه الحيل لجأ الى أنواع أخرى من العذابات .. لدرجة أنه صنع لها حماراً خشبياً ممتلئا بالمسامير .. وأمرها أن تجلس عليه …. وتذكرت هذه القديسة العفيفة إكليل الشوك الذى وضع على رأس مخلصنا الصالح .. دون أن يتذمر أو يفتح فاه .. وكان الرب يسوع يقويها ويعزيها ..
+ ولجأ الوالى المعروف بقسوة قلبه إلي حيلة أخرى ونوع أخر أكثر شدة من العذابات .. فصنع لها كرسى حديدياً محمى بالنار مثلما فعل نبوخذ نصر مع الثلاثة فتيه القديسين حينما ألقاهم الملك فى أتون محمى بالنار سبعة أضعاف ولكن ظهر لهم الرب فى وسط الآتون .. فأطفئ لهم قوة النار فصار لهم الآتون ندى بارد .. وكان يسبحون الرب فى وسط الآتون لدرجة أن كنيستنا الجميلة .. اختارت هذه التسبحة لتكون هى ( الهوس الثالث ) فى تسبحتها اليومية وأضافت إيضاً أبصالية الثلاثة فتيه التى تتغنى فيها الكنيسة بمجد حضور الرب فى وسط كنيسته وهى تدخل فى مواجهات مع العالم .
+ وهكذا فإن الكرسى المحمى الذى أعده الوالى للقديسة الشهيدة مهراتى .. والذى كان يظن أنه سوف يثنيها عن تمسكها بالرب يسوع .. فأن بقوة الرب لم يمسها أى سوء ولم يحدث لها أى ضرر .. فتعجب كل الحاضرين ومجدوا إله مهراتى .
أستشهاد القديسة
+ وكما قسى الرب قلب فرعون . كذلك كان هذا الوالى القاسى القلب إذ لم يجد حيلة أخرى للتأثير عليها فأرسلها الى أريانوس الوالى الأشد منه .. فأصدر أمره بأن توضع القديسة فى داخل قفص حديدى ممتلئ بأنواع من الزواحف والثعابين السامة فلم تخف ولم ترهب فكانت تصلى بقوة واتصال شديدين وكانت تعيش فى قمة الفرح أذ أعطها الرب قوة ونعمة وأعطاها إحساس ممتعاً بأنها على وشك نوال إكليل الشهادة .
+ وفى أثناء ذلك كانت تخرج من ذلك القفص رائحة بخور عطرة ذكية اشتمتها جميع الحراس فتعجبوا جداً وبعد أن أكملت فى هذا الحبس ثلاثة أيام أنشدت مع سمعان الشيخ قائلة الآن يا سيدى تطلق عبدك بسلام .. وانطلقت روحها بسلام لتنضم الى صفوف الشهداء الموضوعة أرواحهم فى تحت المذبح فى كنيسة السماء .. وكان ذلك يوم 14 طوبة .. وتم دفن جسدها الطاهر بإكرام جزيل بدير القديسة الشهيدة دميانة والشهيد أبو فام بطما وقد أهتم أبينا الحبيب نيافة الأنبا فام بعيد استشهاد القديسة مهراتى وجعل فى ليلة عيدها أحتفال كبير .. إذ تقام سهرة روحية رائعة مملوءة بالتسابيح والألحان .. بالدفوف والصفوف .. وبفرح شديد .. أذ أن الرب يسر بأن نقدم له فى كل حين ذبيحة التسبيح .. وتنتهى تلك السهرة الرائعة بذبيحة القداس الإلهي المشبعة ..
+ بركة صلاة القديسة الشهيدة العظيمة مهراتى تكون مع جميعنا أمين .